بقلم وديع بنجابي
شاهدت فيلم The Campaign عندما كان يُعرض على قناة MBC 2، الفكرة الحاضرة بنكهة كوميدية خلال الفلم فكرة الفوز بأي ثمن، وهي فكرة قديمة تعود إلى الملك بيروس الإغريقي. بيروس، الذي حقق انتصاراً شهيراً ضد الرومان في معركة “أسكولوم” عام 279 قبل الميلاد، قال بعد المعركة: “نصر آخر كهذا وسأكون قد انتهيت.” فقد كانت خسائره كبيرة إلى درجة أن الفوز لم يعد يُعتبر مكسباً. هذا ما يُطلق عليه “النصر البيروسي”، عندما تكون تكلفة الانتصار أعلى من قيمته. فيلم The Campaign يعكس هذا المفهوم بشكل ساخر من خلال صراع سياسي بين مرشحين يسعيان إلى الفوز بأي ثمن، حتى لو كان ذلك على حساب قيمهما الشخصية وأخلاقهما.
مؤامرة سياسية ساخرة
تدور أحداث الفيلم حول سباق انتخابي في ولاية كارولينا الشمالية بين سياسيين متنافسين: كام برادي (ويل فيريل)، السياسي المخضرم المتعجرف الذي لا يعرف الهزيمة، ومارتي هيغينز (زاك غاليفياناكيس)، المرشح غير المتوقع والبسيط. يبدأ السباق عندما يتحدى مارتي، وهو مدير مركز سياحي محلي، كام في الانتخابات بدعم من رجال أعمال يسعون لاستخدامه لتحقيق مصالحهم الشخصية. ما كان من المفترض أن يكون سباقاً عادياً يتحول إلى معركة شرسة مليئة بالدعاية السلبية والتلاعب السياسي، حيث يسعى كل منهما إلى الفوز بأي وسيلة ممكنة.
الفوز بأي ثمن النصر البيروسي في The Campaign
كما في قصة الملك بيروس، يسعى كلا المرشحين في The Campaign إلى تحقيق نصر، لكن تكلفة هذا النصر تصبح باهظة للغاية. مع مرور الوقت، يفقد كام ومارتي اتزانهما الأخلاقي ويخوضان معركة دون اعتبار للقيم أو المبادئ. يستخدمان الأكاذيب، والخداع، والتشهير بالخصم لكسب تأييد الناخبين. وبينما يستمر السباق، يتضح أن الفوز، مهما كان، لن يكون مجانياً. التضحيات الشخصية والمعنوية التي يقدمها المرشحان تُظهر أن الانتصار في النهاية سيكون مكلفاً جداً، مما يجعله نصراً بيروسياً.
الأداء الكوميدي والمغزى
يُقدم ويل فيريل وزاك غاليفياناكيس أداءً متميزاً في هذا الفيلم، حيث يضفي كل منهما طابعاً خاصاً على شخصيته. كام برادي هو السياسي الفاسد والمخادع، في حين أن مارتي هيغينز هو الرجل الطيب الذي يجد نفسه مضطراً للتخلي عن مبادئه لينخرط في اللعبة السياسية. يعكس التناقض بين الشخصيتين الحالة المأساوية التي تصل إليها السياسة عندما يكون الفوز هو الهدف الوحيد.
ضحك مع رسالة قوية
The Campaign ليس مجرد فيلم كوميدي بسيط، بل هو عمل يتناول موضوعاً معقداً بطريقة ساخرة وذكية. يُظهر لنا كيف يمكن أن يكون الفوز في السياسة أشبه بالنصر البيروسي، حيث تُدفع التكاليف الشخصية والأخلاقية لتتحقق الانتصارات الظاهرية. الفيلم يمزج بين الكوميديا والنقد السياسي بأسلوب مميز يجعل المشاهد يضحك، لكنه يتركه أيضًا يتساءل عن الثمن الحقيقي للفوز.
في النهاية، يُظهر الفيلم أن الفوز في الحملة الانتخابية قد لا يكون حقاً نصراً إذا كان مكلفاً للغاية، تماماً كما حدث مع الملك بيروس، حيث يصبح الانتصار مجرد خطوة أخرى نحو الخسارة.