آفاق التجارة العالمية


ننشر هذا التقرير عن آفاق التجارة العالمية لنشر المعرفة

العدد الأسبوعي رقم 167-  الجمعة 20 سبتمبر 2024موضوع العدد: اتجاهات وآفاق التجارة العالمية في ظل عالم شديد الاضطراباضغط هنا لتصفح النشرة من الموقعصباح الخير قراءنا الكرام،

التجارة العالمية هي قاطرة مهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية؛ حيث تقوم بدور كبير سواء لتوفير أسواق لتصريف المنتجات العالمية أو توفير الاحتياجات الأساسية للدول، كما تسهم التجارة العالمية في رفع مستوى المعيشة وزيادة الاستثمارات وتوفير فرص العمل وتعزيز التكامل بين دول العالم.

اتصالًا، فقد تعرضت التجارة العالمية خلال السنوات القليلة الماضية إلى الكثير من الأزمات سواء على الجانب السياسي أو الاقتصادي، إلا أنها ما زالت تلعب دورًا مهمًّا في الاقتصاد العالمي، بل هي الركيزة الأساسية التي يقوم عليها. وعليه يأتي عددنا الأسبوعي ليسلط الضوء على آفاق واتجاهات التجارة العالمية وتحدياتها، ودور مصر الرائد في التجارة العالمية، وذلك من خلال الأقسام الآتية:القسم الأول: اتجاهات التجارة العالمية خلال عامي 2023 و2024القسم الثاني: أبرز التحديات أمام التجارة العالميةالقسم الثالث: دور مصر الرائد في التجارة العالميةالقسم الرابع: آفاق ومستقبل التجارة العالمياضغط هنا للتواصل معنالا تزال ديناميكيات التجارة العالمية في عام 2023 متأثرة بإرث صدمة “كوفيد-19″، فعندما انهار النشاط الاقتصادي العالمي مع ظهور جائحة “كوفيد-19″، أدى الأمر إلى أعمق ركود عالمي -وإن كان قصير الأجل- منذ الحرب العالمية الثانية، وهو ما صاحبه انخفاض كبير في التجارة العالمية.
اتصالًا، فقد شهد الربعان الأول والثاني من عام 2020، انكماش التجارة العالمية بنسبة 16%، متجاوزًا حتى الصدمة التي لوحظت خلال الأزمة المالية العالمية؛ لتعود التجارة العالمية فتشهد انتعاشًا سريعًا في عامي 2021 و2022؛ حيث نمت بنسبة 12.8% و5.5% على الترتيب، ووصلت إلى مستويات ما قبل جائحة “كوفيد-19” بحلول الربع الأول من عام 2021.

ومع ذلك، خلال النصف الثاني من عام 2022، بدأ نمو التجارة العالمية في التباطؤ بشكل ملحوظ، وبعد أن انخفض إلى المنطقة السلبية في الربع الرابع من عام 2022، لم يبدأ في التعافي تدريجيًّا إلا خلال عام 2023، ووفقًا للتقديرات فقد نمت التجارة العالمية بنسبة 1.1% فقط في عام 2023، وهو أقل بكثير من متوسط نموها السنوي خلال فترة ما قبل جائحة “كوفيد-19″، ما بين عامي 2012 و2019.المصدرويعكس الضعف اللاحق في التجارة العالمية عام 2023 تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بشكل كبير في الاقتصادات المتقدمة، وتشير التقديرات إلى أن حوالي نصف الانخفاض في التجارة العالمية منذ عام 2022 يمكن أن يعزى إلى ضعف الاستثمارات. وفي إطار ما تقدم فإننا نسلط الضوء على الآتي:

1- الأداء العالمي لتجارة السلع والخدمات خلال عام 2023

وفقًا لتحديث التجارة العالمية الصادر عن “الأونكتاد” في مارس 2024، يلاحظ أن التجارة العالمية انخفضت بنسبة 3% لتصل إلى 31 تريليون دولار عام 2023، بعد أن بلغت ذروتها عام 2022، ويرجع ذلك الهبوط إلى ضعف الطلب في الاقتصادات المتقدمة وضعف مستويات التجارة في كل من شرق آسيا وأمريكا اللاتينية، وكان هذا التباطؤ مدفوعًا بانخفاض بنسبة 5% في تجارة السلع، فيما قاوم قطاع تجارة الخدمات الاتجاه السلبي، واتجه إلى النمو بنسبة 8%، وكان القطاع مدفوعًا في ذلك بارتفاع بنسبة 40% تقريبًا في كل من السياحة والخدمات المرتبطة بالسفر.

العبء الأكبر الناتج من هذا التباطؤ يقع على عاتق الدول النامية؛ حيث شهدت تلك الدول انخفاضًا حادًّا في التجارة، وانخفضت وارداتها وصادراتها بنسبة 5% و7% على الترتيب، مقارنة بانخفاض بنسبة 4% في الواردات و3% في الصادرات بالنسبة للدول المتقدمة، كما شهدت أغلب المناطق نموًّا سلبيًّا في التجارة عام 2023، وكان الاستثناء هو الزيادة الكبيرة في التجارة داخل إفريقيا.

وعلى الرغم من الانخفاض العام، فإن عام 2023 شهد ارتفاعًا بنسبة 2% في تجارة المنتجات البيئية، مدفوعًا في المقام الأول بارتفاع مبيعات السيارات الكهربائية؛ حيث سجلت تجارة المركبات الكهربائية نموًّا بنسبة 60%؛ مما يسلط الضوء على تغير متطلبات السوق وتفضيلاتها.

وعليه، فقد شهد الربع الأخير من عام 2023 علامات استقرار، وخاصة في المناطق النامية؛ مما يشير إلى بداية مرحلة التعافي. في حين شهدت معظم القطاعات انتعاشًا، رغم أن تجارة الملابس (الملابس وإكسسوارات الملابس) استمرت في الانكماش، حيث انخفضت بنسبة 13%. وهذا ما يوضحه الشكل التالي:
 الشكل (1): تطور النمو السنوي في قيمة التجارة في السلع والخدمات
خلال الفترة (الربع الأول 2019 – الربع الأول 2024)Source: UNCTADالمصدر2- الأداء العالمي لتجارة السلع والخدمات خلال عام 2024

وفقًا لتحديث التجارة العالمية الصادر عن “الأونكتاد” في يوليو 2024، فمن الملاحظ أن اتجاهات التجارة العالمية تحولت إلى إيجابية خلال الربع الأول من عام 2024، مع زيادة قيمة التجارة في السلع بنحو 1% على أساس ربع سنوي، وفي الخدمات بنحو 1.5%.

ومن المتوقع أن يضيف هذا الارتفاع، الذي تدعمه ديناميكيات التجارة الإيجابية للولايات المتحدة والدول النامية وخاصة الاقتصادات النامية الآسيوية الكبيرة، ما يقرب من 250 مليار دولار إلى تجارة السلع، و100 مليار دولار إلى تجارة الخدمات في النصف الأول من عام 2024 مقارنة بالنصف الثاني من عام 2023.

في السياق نفسه، شهدت التجارة العالمية في الربع الأول من عام 2024 نموًّا مدفوعًا في المقام الأول بزيادة الصادرات من الصين (9%) والهند (7%) والولايات المتحدة (3%)، وعلى العكس من ذلك، لم تشهد صادرات أوروبا أي نمو، كما انخفضت صادرات إفريقيا بنسبة 5%.

وعلى صعيد آخر، ارتفعت التجارة في الدول النامية والتجارة بين دول الجنوب بنحو 2% في كل من الواردات والصادرات خلال الربع الأول من عام 2024. وبالمقارنة، شهدت البلدان المتقدمة استقرار الواردات وارتفاعًا متواضعًا بنسبة 1% في الصادرات. ومع ذلك، انخفضت التجارة بين دول الجنوب على أساس سنوي بنسبة 5% عند مقارنة الربع الأول من عام 2023 بالربع الأول من عام 2024.
وفي سياق متصل، فقد تفاوت نمو التجارة العالمية بشكل كبير عبر القطاعات؛ حيث شهدت المنتجات المرتبطة بالطاقة الخضراء والذكاء الاصطناعي زيادات قوية، وارتفعت قيمة تجارة الخوادم عالية الأداء في الربع الأول من عام 2024 بنسبة 25% مقارنة بالربع الأول من عام 2023، في حين شهدت أجهزة الكمبيوتر الأخرى ووحدات التخزين زيادة بنسبة 8%. كما نمت قيمة تجارة المركبات الكهربائية بشكل كبير؛ حيث زادت بنحو 25%.المصدرورغم هذه الاتجاهات الإيجابية، فإن التوقعات لعام 2024 اتسمت بالاعتدال بسبب التوترات الجيوسياسية، وتأثيرات السياسات الصناعية، والتي يرجح أن تؤدي إلى ارتفاع تكاليف الشحن، ومن ثم إعادة تشكيل أنماط التجارة العالمية.

هذا، وقد توقعت المنظمات الاقتصادية الدولية الثلاث الكبرى -صندوق النقد الدولي، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ومنظمة التجارة العالمية- ارتفاع تدفقات التجارة العالمية في عام 2024؛ فقد توقعت منظمة “التعاون الاقتصادي والتنمية” أن تنمو التجارة العالمية في السلع والخدمات بنسبة 2.3% خلال عام 2024، على أن تنمو بنسبة 3.3% في عام 2025، وهو أكثر من ضعف النمو البالغ 1% الذي شهدته التجارة العالمية في عام 2023.

وفي الوقت نفسه، توقع تقرير “آفاق الاقتصاد العالمي” الصادر حديثًا عن “صندوق النقد الدولي” أن تنمو التجارة العالمية بنسبة 3% و3.3% لعامي 2024 و2025 على الترتيب، على الرغم من تخفيض توقعاته عن وقت سابق من عام 2024، وذلك في وقت توقعت فيه “منظمة التجارة العالمية” أن ينمو حجم التجارة العالمية في السلع بنسبة 2.6% و3.3% خلال عامي 2024 و2025 على الترتيب، بعد انخفاض كبير عام 2023.

وفي سياق ذي صلة، توقعت منظمة التجارة العالمية، استنادًا إلى الصادرات وحدها، أن تنمو التجارة العالمية في إفريقيا بشكل أسرع من أي منطقة أخرى خلال عام 2024، بنسبة 5.3%. فيما رجحت أن تشهد عدة مناطق نموًّا معتدلًا في الصادرات، على النحو التالي: أمريكا الشمالية (3.6%)، والشرق الأوسط (3.5%)، وآسيا (3.4%)، وتوقعت المنظمة أن تتخلف الصادرات الأوروبية عن المناطق الأخرى لتسجل نسبة 1.7% فقط.المصدرتم إطلاق منظمة التجارة العالمية (WTO)، قبل 30 عامًا، بهدف إنشاء نظام عالمي جديد، قائم على الانفتاح والشمول والتعاون؛ حيث أُسِّسَت منظمة التجارة العالمية كخليفة للاتفاقية العامة للتعريفات الجمركية والتجارة (GATT)، والتي كانت تركز بشكل رئيس على التجارة في السلع. 
أصبح العالم يشهد بيئة تجارية أكثر تقلبًا في الأعوام الأخيرة؛ نتيجة لتزايد التحديات، في ظل توقف جهود تحرير التجارة المتعددة الأطراف، وانتشار أنظمة التجارة الثنائية والإقليمية، والتي رغم كونها تقدم فرصًا مغرية، وخاصة في الأسواق الناشئة، فإنها تعني أيضًا درجات متفاوتة من المعايير المختلفة وقواعد المنشأ والتدابير الجمركية وغير الجمركية.

لقد شهدت العقود الأخيرة تزايد التجارة الثنائية بين الدول؛ فمعظم الدول التي تصدر السلع إلى بلد ما تستورد أيضًا السلع من البلد نفسه، كما تزايدت أهمية التجارة بين دول الجنوب بشكل كبير. وفي العقدين الماضيين، كانت الصين المحرك الرئيس لهذا الاتجاه في التجارة. فعلى سبيل المثال، شهدت السنوات العشرين الماضية، تحول الصين إلى أكبر شريك تجاري ثنائي لإفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ووفقًا لصندوق النقد الدولي، فإن نحو 20% من صادرات المنطقة تذهب الآن إلى الصين، ونحو 16% من واردات إفريقيا تأتي من الصين، وقد وصل حجم التجارة الثنائية بين الصين ودول إفريقيا جنوب الصحراء إلى رقم قياسي بلغ 282 مليار دولار من إجمالي حجم التجارة العالمية في عام 2023.المصدر

1- العولمة وأثرها على التجارة العالمية:

تشير العولمة إلى عملية ربط الاقتصاد العالمي بشكل أوثق من خلال تدفق السلع والخدمات والاستثمارات والتكنولوجيا والمعلومات والعمالة، وقد بدأت في الظهور عام 1870، وتوسعت خلال العقود التي أعقبت الحرب العالمية الثانية عندما بدأت الدول في الحد من القيود المفروضة على تدفقات رأس المال والتجارة، سعيًا وراء جني فوائد النمو والرفاهة.

نتيجة لذلك، نمت التجارة بشكل ملحوظ، وكان أحد أهم أوجه تطورها هو الاتجاه إلى دمج الاقتصادات الوطنية في نظام اقتصادي عالمي، في إطار ما أطلق عليه “العولمة”؛ مما أدى إلى نمو ملحوظ في التجارة بين الدول.

على مدار القرنين الماضيين، شهد الاقتصاد العالمي نموًّا اقتصاديًّا إيجابيًّا مستدامًا؛ لذا فإن النظر في التغيرات في التجارة نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي يوفر منظورًا آخر مثيرًا للاهتمام؛ فحتى عام 1870، كان مجموع الصادرات العالمية يمثل أقل من 10% من الناتج العالمي، أما اليوم، فقد أصبحت قيمة السلع المصدرة حول العالم تبلغ نحو 25%، الأمر الذي يوضح أن النمو في التجارة على مدى المائة عام الماضية تجاوز حتى النمو الاقتصادي السريع.

يعتقد معظم خبراء الاقتصاد أن العولمة كان لها تأثير إيجابي إجمالي على النمو، وخاصة بالنسبة للدول التي كانت أقل تكاملًا في السابق، كما استفادت الاقتصادات النامية على وجه الخصوص من المساهمة في سلاسل القيمة العالمية -شبكات الإنتاج المترامية الأطراف التي تمتد عبر العالم- لأنها لم تكن مضطرة إلى تطوير صناعات محلية جديدة بالكامل لتصدير منتجات أكثر تطورًا.

لكن العولمة كانت لها سلبياتها؛ حيث يعتقد بعض خبراء الاقتصاد أن عولمة التمويل جعلت الاقتصاد العالمي أكثر تقلبًا وعرضة للأزمات، كما أنها ربما أسهمت أيضًا في ارتفاع التفاوت في الدخل على مدى العقود الأربعة الماضية، خاصة وأنه داخل الدول كان التحول إلى هيكل إنتاج جديد صعبًا في بعض الأحيان؛ حيث كان على العمال ورأس المال الانتقال من صناعة إلى أخرى.

تظهر الإحصاءات أن العولمة تنامت كثيرًا منذ ثمانينيات القرن العشرين حتى الأزمة المالية العالمية، ثم وصلت إلى مرحلة الثبات بعد ذلك، لكن من الضروري النظر إلى الأمر بشكل أعمق في ضوء التغيرات التي طرأت على الاقتصاد العالمي، ومن بينها الأزمة المالية العالمية، وجائحة “كوفيد-19”.

بشكل عام، لا توجد دلائل واضحة على التراجع الهيكلي للتجارة الدولية، ولكن هناك فقط تذبذبات عرضية ناجمة عن عدة عوامل أدت إلى حدوث انقطاع في سلسلة التوريد العالمية التي شهدناها خلال جائحة “كوفيد-19″، ولكن منذ ذلك الحين، انتعشت التجارة العالمية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي بقوة، على الرغم من المخاوف من الإجراءات الحمائية وتحول الاقتصاد العالمي إلى تكتلات اقتصادية منفصلة.

يرجع محللون الأمر إلى أنه باستثناء القليل من الحالات في المشهد الجيوسياسي، لا يمكن لأي دولة -أو منطقة- في العالم أن تكون مكتفية ذاتيًّا تمامًا، وهذا هو السبب على وجه التحديد وراء استمرار التكامل التجاري العالمي في التقدم، وجلب الرخاء لعدد متزايد من البشر في مختلف أنحاء العالم، رغم تراجع العولمة.

وعلى الرغم من أن السنوات القليلة الماضية كانت سببًا في إجهاد الاقتصاد العالمي، كما جعلت بعض صناع السياسات أكثر تشاؤمًا بشأن التجارة والاستثمار الأجنبي مقارنة بالعقود الماضية، فإن الدلائل تشير إلى أن العولمة لن تختفي، بل إنها فقط تشهد بعض التطورات وذلك كاستجابة لاتجاهات اقتصادية وجيوسياسية عديدة.المصدر

2- الأزمات الجيوسياسية وتأثيراتها على التجارة العالمية:

أسهم تصاعد التوترات والأزمات الجيوسياسية، التي شهدها العالم خلال الأعوام الأخيرة الماضية، وعلى رأسها الأزمة الروسية الأوكرانية، والعدوان الإسرائيلي على غزة، إلى خلل في حركة التجارة العالمية؛ حيث أشار “البنك المركزي الأوروبي” (European Central Bank)، في أحدث توقعاته لعام 2024، إلى أن اضطرابات الشحن في البحر الأحمر، قد تؤدي إلى كبح جماح التعافي في تجارة السلع العالمية، فقد انخفض حجم تجارة الترانزيت عبر البحر الأحمر بشكل كبير، مع قيام شركات الشحن بتجنب المرور في المنطقة وتغير مسار سفنها حول رأس الرجاء الصالح.

من ناحية أخرى، تؤثر المسافة بين الدول سلبًا على تدفقات التجارة الثنائية؛ مما يمثل عقبة أمام التجارة العالمية، فكلما زادت المسافة بين دولتين، كان تدفق التجارة الثنائية بينها أقل؛ وذلك بسبب ارتفاع تكاليف التجارة. فالتجارة العالمية تميل إلى الزيادة بشكل أكبر بين الوجهات الأقرب، كما أن أوجه التشابه الثقافية والروابط التاريخية لها تأثيرات إيجابية على تدفقات التجارة الثنائية، ويساهم عدد السكان في دول المنشأ والوجهة أيضًا -وهو مقياس آخر لحجم السوق- بشكل إيجابي في التجارة العالمية؛ حيث يكون لعدد السكان في دول المقصد تأثير أكبر على تدفق التجارة، وكذا تُعَد اتفاقيات التجارة العالمية عاملًا رئيسًا في تشكيل أنماط التجارة الثنائية في جميع أنحاء العالم، فالدول التي تتمتع بعضوية “الجات” ومنظمة التجارة العالمية واتفاقيات التجارة الحرة تميل إلى تحقيق مستوى أعلى من التجارة العالمية.

تشير التوقعات إلى تعافي التجارة العالمية تدريجيًّا خلال عام 2024، واتجاهها للنمو مستقبلًا، وذلك استنادًا إلى بيانات ترجح نمو الواردات العالمية من 1.2٪ عام 2023 إلى 2.8٪ عام 2024، قبل أن يتسارع تدريجيًّا إلى 3.1٪ في عام 2025، و3.2٪ عام 2026. وعلى الرغم من التعافي المتوقع، من المرجح أن تظل التجارة العالمية أقل من اتجاهها التاريخي؛ مما يعكس تأثير التغييرات الهيكلية في العلاقات التجارية، والناجمة عن التوترات الجيوسياسية المتزايدة؛ فالصراعات الإقليمية والتوترات الجيوسياسية تختبر بشدة مرونة شبكات التجارة العالمية.

من جهة أخرى، يؤدي تغير نمط التحالفات وتطور اتفاقيات التجارة إلى إعادة تشكيل أنماط التجارة العالمية؛ حيث تعمل مبادرات مثل: اتفاقية الشراكة الشاملة والتقدمية عبر المحيط الهادئ، ومنطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، على إنشاء تكتلات تجارية جديدة؛ مما يشير إلى تحول في كيفية تفاعل الدول بعضها مع بعض اقتصاديًّا. وتعكس هذه التطورات إعادة التنظيم الاستراتيجي والتكيف مع البيئة الجيوسياسية المتغيرة، مع آثار كبيرة على ديناميكيات التجارة العالمية.

من الملاحظ أن تعزيز التكامل الاقتصادي بين الدول الأعضاء في التحالفات والاتفاقيات الإقليمية، يعمل على بناء سلاسل التوريد الأكثر كفاءة، وخلق أسواق جديدة للسلع والخدمات، وتحفيز الاستثمار، ومع ذلك، فهو يفرض العديد من التحديات، بما في ذلك خطر تهميش الدول غير الأعضاء؛ مما قد يؤدي إلى تفتيت النظام التجاري العالمي إلى كتل متنافسة.

إضافة إلى ذلك، تعكس التحالفات تحركًا نحو الإقليمية والابتعاد عن اتفاقيات التجارة متعددة الأطراف التي ميزت التجارة العالمية في العقود الأخيرة، وقد يؤدي هذا التحول إلى مشهد تجاري أكثر تعقيدًا وتفتتًا؛ حيث يصبح التعامل مع تعقيدات اتفاقيات التجارة متعددة الأطراف ضرورة استراتيجية حاسمة للشركات والدول على حد سواء.المصدرتُعد مصر أكبر اقتصاد في إفريقيا، بناتج محلي إجمالي بلغ 398 مليار دولار أمريكي عام 2023، كما أن عدد سكان مصر البالغ حتى 12 سبتمبر الجاري 106.8 ملايين نسمة يجعلها سوقًا ناشئة رئيسة؛ حيث يمثل هذا العدد الكبير والمتزايد من السكان سوقًا محتملة كبيرة؛ مما يجعل مصر وجهة جذابة لتوسيع الأعمال التجارية.
علاوة على ذلك، تتمتع مصر بموقع جغرافي استراتيجي يمنحها ميزة مثالية للوصول إلى الأسواق الأوروبية، والآسيوية، والإفريقية، بالإضافة إلى الشرق الأوسط. ويكمل هذا الموقع الاستراتيجي العلاقات الدولية المعززة لمصر، من خلال الاتفاقيات التجارية المتنوعة التي عقدتها مصر مع العديد من الدول حول العالم. وعليه، وبالحديث عن دور مصر في التجارة العالمية، فإننا نشير إلى الآتي: 1- دور قناة السويس في التجارة العالمية:تُعد قناة السويس عنصرًا أساسيًّا من عناصر البنية التحتية للنقل البحري الدولي؛ حيث يمر 12% من التجارة العالمية عبر القناة سنويًّا، وهو ما يمثل 30% من إجمالي حركة حاويات الشحن العالمية، وأكثر من تريليون دولار أمريكي من البضائع سنويًّا، كما يتم نقل 7% – 10% من إمدادات النفط العالمية عبر قناة السويس.ولعل أبرز مثال على أهمية قناة السويس للتجارة الدولية يكمن في حادثة جنوح سفينة الحاويات “إيفر جيفن” (Ever Given) في نهاية مارس 2021، التي أدت إلى عرقلة حركة المرور في كلا الاتجاهين. وكان لإغلاق القناة تأثير كبير على قيمة البضائع المنقولة كل ساعة والتي تبلغ 400 مليون دولار، كما أدى إلى خفض النمو السنوي للتجارة العالمية بنسبة تتراوح بين 0.2% و0.4%.المصدروتُعزى الأهمية الكبيرة لقناة السويس إلى عدد من المزايا التي توفرها للتجارة الدولية، بما في ذلك:ضمان سرعة رحلات الشحن:

تُعد قناة السويس أقصر طريق للنقل البحري من الشرق إلى الغرب مقارنة بطرق الشحن البديلة؛ حيث تمتد لمسافة 194 كم وتربط البحر المتوسط بالمحيط الهندي عبر البحر الأحمر، وتسهم في توفير 7 – 10 أيام من الوقت؛ حيث يتم تقليص الرحلة بمقدار 12 ألف كيلومتر، وهو ما يُعد أمرًا إيجابيًّا بالنسبة للشركات التي تتطلع إلى تسريع عمليات التسليم لتحقيق عوائد سريعة على الاستثمار.

إضافة إلى ذلك، فإن مسار الشحن مخصص لزيادة حركة المرور؛ مما يعني أن هناك احتمالات أقل لحدوث تأخيرات أو تعطيلات. ونظرًا لأن الممر المائي مخصص للتجارة العالمية فقط، فمن غير المرجح أن تواجه شركات الخدمات اللوجستية مشكلات إدارية أو تنظيمية، والتي يمكن أن تخلقها مسارات الشحن البديلة. كما أن الصيانة الجيدة المستمرة لقناة السويس تجعلها خيارًا جذابًا لشركات الشحن التي تريد نقل كميات كبيرة من البضائع بسرعة وكفاءة.

هذا، وتواصل قناة السويس تقديم الدعم لصناعة النقل البحري من خلال التطوير المستمر؛ حيث تم تنفيذ العديد من مبادرات التوسع على قناة السويس، مثل: المسار المزدوج، وزيادة عمق القناة، كما تمت زيادة الطول الملاحي للقناة من 80.5 كم إلى 111.2 كم؛ مما يتيح حركة السفن في كلا الاتجاهين.

ونتيجة لذلك تضاعف عدد السفن العابرة للقناة يوميًّا من 49 إلى 93 سفينة، كما انخفضت مدة العبور من 18 إلى 11 ساعة نتيجة لتوسعة قناة السويس. الأمر الذي يسهل عبور 93% من أسطول البضائع السائبة الجافة العالمي، بما في ذلك 100% من سفن الحاويات، و63% من ناقلات النفط، و100% من أنواع السفن الأخرى.كفاءة عالية وتوفير في التكاليف:سبب آخر يُمكِّن قناة السويس من تسهيل عبور مثل هذا القدر الكبير من التجارة العالمية هو أنها تقدم حلًّا فعالًا من حيث التكلفة للشركات؛ حيث يمكنها استلام منتجاتها بشكل أسرع وإنفاق مبالغ أقل من خلال اختيار عدد أقل من الشحنات لتسليم العناصر نفسها، باستخدام حاويات الشحن الأكبر حجمًا. كما تسهم في تحسين إدارة الوقت، وتقليل استهلاك الوقود، وتوفير المال الإجمالي.

بالإضافة إلى ذلك فإن الشحن البحري له تأثير أقل على البيئة؛ حيث يمكن القيام بعدد أقل من الرحلات. كما أن السفن نفسها أكثر استدامة إلى حد ما، وهو ما يعني أن بعض الضرائب الإضافية المتراكمة بسبب أشكال الشحن الأخرى التي ليست جيدة للبيئة، لا تنطبق على الخدمات اللوجستية البحرية؛ مما يعني أن الشركات سيكون لها بصمة كربونية أقل.رابط مباشر من آسيا إلى أوروبا:تنبع شعبية التجارة على طول قناة السويس من حقيقة أن آسيا تُعَد اللاعب الأكبر عندما يتعلق الأمر بالتصنيع، ومن ثمَّ توفر القناة طريق شحن مباشرًا بين أوروبا وآسيا؛ مما يلغي الحاجة إلى توجه السفن نحو الطرف الجنوبي من إفريقيا، وبالتالي ضمان خفض التحديات اللوجستية والحاجة إلى التخطيط.

علاوة على ذلك، فقد نجحت قناة السويس في تقليل أوقات الشحن وتكاليف النقل المرتبطة بالتجارة بين آسيا وأوروبا، لا سيما مع توجه العديد من الشركات في الغرب نحو تكاليف الإنتاج الأساسية الأقل سعرًا، من خلال الحصول على عناصر الإنتاج من وجهات أخرى. من ثمَّ، فإن القدرة على خفض التكاليف، من خلال الحصول على المصادر من هذه المواقع، مع الاستفادة من التسليم السريع عبر القناة يعني أن الشركات يمكن أن تظل قادرة على المنافسة، وهذا يعزز أيضًا الاقتصادات في كل من أوروبا وآسيا؛ حيث يمكن تحسين نشاط الأعمال.

ومع بدء تعافي الأسواق العالمية بعد بضع سنوات من عدم اليقين الاقتصادي والعالمي، من المتوقع أن تستمر نسبة التجارة العالمية التي تمر عبر قناة السويس في الارتفاع على الأرجح على مدى العقود القادمة.المصدر2- مصر عضو فاعل في الاتفاقيات التجارية الإقليمية والدولية:لعبت مصر دورًا محوريًّا في إجراءات تنظيم العلاقات التجارية العالمية؛ حيث كانت ممثلة في مؤتمر صياغة ميثاق هافانا الخاص بإنشاء منظمة عالمية للتجارة عام 1947، كما شاركت في مؤتمر الجات عام 1993، وخلال مفاوضات الفصل الرابع للتجارة والتنمية في عامي 1964 و1965 تم إقرار المبدأ الذي نادت به مصر لمعاملة الدول النامية وفق مبدأ الدولة الأولى بالرعاية، وقد برز الدور المصري عند اختيار مؤتمر الدوحة للتجارة العالمية لعام 2001 مصر ضمن مجموعة الدول المكلفة بصياغة البيان الختامي للمؤتمر.

وفي هذا السياق، فإنه بالإضافة إلى انضمامها المبكر لمنظمة التجارة العالمية، فقد عقدت مصر اتفاقيات تجارية مع العديد من الدول حول العالم، ومن أبرزها:اتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى “جافتا” (Greater Arab Free Trade Agreement, GAFTA)تم توقيع اتفاقية التجارة الحرة العربية في عام 1981 من قبل 17 عضوًا في جامعة الدول العربية، وتم الاتفاق على شروطها عام 1997؛ بهدف تيسير وتطوير التجارة بين الدول العربية، والقضاء على الحواجز غير الجمركية، بما في ذلك الحواجز الإدارية، والنقدية، والفنية، فضلًا عن تخفيض الرسوم الجمركية سنويًّا لمدة عشر 10 سنوات، وقد بدأ التخفيض بنسبة 10% سنويًّا من عام 1998 حتى عام 2003.

مع ذلك، فقد قررت القمة العربية عام 2002 زيادة نسبة التخفيض السنوي على الرسوم الجمركية إلى 20% لتصل إلى 80% عام 2004 وإلى 100% عام 2005 بدلًا من عام 2007، بالإضافة إلى منح الدول الأعضاء الأقل نموًّا معاملة تفضيلية.اتفاقية السوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا “الكوميسا”بدأت اتفاقية “الكوميسا” (Common Market for Eastern and Southern Africa, COMESA) كمنطقة تجارة تفضيلية تهدف إلى إقامة منطقة تجارة حرة بين الدول الأعضاء لتصبح اتحادًا جمركيًّا ثم سوقًا مشتركة، وقد انضمت مصر إلى “الكوميسا” عام 1998 بجانب 19 دولة أخرى، وتعفي مصر بموجب تلك الاتفاقية البضائع والمنتجات التي تحمل شهادات المنشأ من “الكوميسا” بشكل تام من الرسوم الجمركية وأي رسوم وضرائب أخرى ذات الأثر المماثل. وبالإشارة إلى قواعد المنشأ الخاصة بالاتفاقية، تُطبق الإعفاءات الجمركية على جميع واردات السلع التي يكون منشأها الدول الأعضاء بقيمة مضافة تصل إلى 45%.

هذا، وقد بدأت “الكوميسا” اتحادها الجمركي في يونيو 2009؛ بهدف تخفيض وتوحيد التعريفة الجمركية الخارجية على مدار عشر سنوات تبدأ عام 2009.اتفاقية الشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبيوقَّعت مصر والاتحـاد الأوروبي في عام 2001 اتفاقية لإقامة منطقة تجارة حرة بين الطرفين، من خلال إزالة التعريفات على المنتجات الصناعية وتسهيل تجارة المنتجات الزراعية، وتُعَد الاتفاقية سارية المفعول منذ عام 2004. وقد دخل اتفاق آخر بشأن الزراعة ومعالجة المنتجات الزراعية والسمكية حيز التنفيذ في عام 2010. هذا، وتركز الاتفاقية على زيادة التجارة بين مصر والاتحاد الأوروبي عن طريق تخفيض الرسوم الجمركية تدريجيًّا سنويًّا على التجارة حتى يتم إلغاؤها نهائيًّا على منتجات معينة.اتفاقية “أغادير” للتجارة الحرة
وقَّعت مصر اتفاقية أغادير عام 2004 من أجل إقامة منطقة تجارة حرة بين كل من: الأردن، والمغرب، وتونس، ومصر، وقد دخلت الاتفاقية حيز التنفيذ عام 2006. وبموجب تلك الاتفاقية تُعفى جميع المنتجات الصناعية والزراعية من كامل التعريفة الجمركية والتدابير غير الجمركية.
هذا، وتتناول هذه الاتفاقية العديد من القضايا المهمة، بما في ذلك الأنظمة الجمركية، وقواعد المنشأ، والمشتريات الحكومية، والمعاملات المالية، وتدابير الحماية والصناعات الجديدة، وإنشاء آلية لتسوية المنازعات، وغيرها. وتُعد قواعد المنشأ من أهم المواد المنصوص عليها في اتفاقية أغادير؛ حيث كان من المتوقع أن تسهم في زيادة إمكانية وصول منتجات الدول الأطراف إلى الأسواق الأوروبية؛ مما يشجع الاستثمارات ويزيد التعاون الإقليمي بين الدول.

علاوة على ذلك، تسعى الاتفاقية نحو تطبيق منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، وتطويرها بما يسهم في إقامة سوق عربية مشتركة.اتفاقية التجارة الحرة بين مصر وتركياوقَّعت مصر وتركيا اتفاقية ثنائية للتجارة الحرة عام 2005، والتي دخلت حيز التنفيذ عام 2007 لإنشاء منطقة تجارة حرة بين الدولتين على مدى فترة لا تزيد على اثنتي عشرة سنة من تاريخ التصديق. وتهدف هذه الاتفاقية إلى إزالة القيود المفروضة على تجارة السلع بما في ذلك المنتجات الزراعية، وتوفير منافسة تجارية عادلة بين الدولتين، بالإضافة إلى خلق بيئة مناسبة لجذب المزيد من الاستثمارات، وتسهيل الوصول إلى أسواق الاتحاد الأوروبي.اتفاقية التجارة الحرة بين مصر ورابطة التجارة الحرة الأوروبية “إفتا”وقَّعت مصر على اتفاقية تجارة حرة مع الدول الأعضاء في رابطة التجارة الحرة الأوروبية “إفتا” (EFTA)، ومنها أيسلندا، وليختنشتاين، والنرويج، وسويسرا، عام 2007، وقد دخلت حيز التنفيذ في العام نفسه. وتعمل الاتفاقية على دعم وزيادة التجارة الثنائية بين مصر والدول الأعضاء في اتفاقية “إفتا”، بالإضافة إلى تعزيز التكامل الاقتصادي في منطقة الأورومتوسطي من خلال تحرير التجارة في المنتجات الصناعية والزراعية المصنعة.

وبناء عليه، يتم تحرير الصادرات المصرية من المنتجات الصناعية، وتخفيض التعريفة الجمركية المصرية تدريجيًّا على الواردات الصناعية من دول “الإفتا” حتى يتم إلغاء الرسوم الجمركية على جميع المنتجات الصناعية تمامًا.

فضلًا عن ذلك، تتيح الاتفاقية حصول مصر على مساعدات مالية وتقنية من دول “الإفتا” لتنمية القطاع الزراعي وقطاع مصائد الأسماك والمساهمة في العديد من المشروعات التي تهدف إلى نقل خبراتها في مجالات المنسوجات والملابس والمنتجات الدوائية.اتفاقية التجارة الحرة التفضيلية بين مصر والسوق المشتركة الجنوبية “الميركوسور”في عام 2010، وقَّعت مصر اتفاقية تجارة حرة مع السوق المشتركة الجنوبية “الميركوسور” (MERCOSUR)، وقد دخلت هذه الاتفاقية حيز التنفيذ عام 2017، وبموجبها تتاح امتيازات تفضيلية للصادرات المصرية لدخول أسواق أمريكا اللاتينية فضلًا عن خفض تكلفة واردات مصر من دول أمريكا اللاتينية مثل: السكر، واللحوم، وزيت الصويا.

تهدف الاتفاقية إلى تقوية العلاقات بين الأطراف المتعاقدة، من أجل تعزيز التوسع في التجارة وتوفير شروط وآليات التفاوض لإقامة منطقة تجارة حرة بما يتماشى مع قواعد وضوابط “منظمة التجارة العالمية”.

كما تعمل الاتفاقية على خفض الرسوم الجمركية بأكثر من 90% بين مصر ودول “الميركوسور” وإلغاء الرسوم الجمركية على السلع الزراعية، بالإضافة إلى إيجاد حلول لقضايا قواعد المنشأ والضمانات التفضيلية، وتعزيز التعاون في مجالات الاستثمار والخدمات وغيرها.اتفاقية “منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية”تُعد “منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية” (AfCFTA) أحد المشروعات الرئيسة لأجندة 2063 وهي استراتيجية التنمية طويلة المدى للاتحاد الإفريقي لتحويل القارة إلى قوة عالمية، وهي أكبر منطقة تجارة حرة في العالم؛ حيث تجمع بين 55 دولة من الاتحاد الإفريقي، و8 مجموعات اقتصادية إقليمية (RECs) لإنشاء سوق موحدة للقارة. وقد تم توقيع الاتفاقية عام 2018، ودخلت حيز التنفيذ في العام نفسه، وتهدف الاتفاقية إلى تمكين التدفق الحر للسلع والخدمات عبر القارة، وتعزيز الوضع التجاري لإفريقيا في السوق العالمية.

هذا، وتشير التقديرات إلى أن “منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية” لديها القدرة على تعزيز التجارة البينية الإفريقية بنسبة 52.3%، من خلال إلغاء رسوم الاستيراد، وقد تؤدي إلى مضاعفتها إذا تم تخفيض الحواجز غير الجمركية. ومن المتوقع أن توسع “منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية” حجم الاقتصاد الإفريقي إلى 29 تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2050.المصدر3- أبرز الشركاء التجاريين لمصر:تمثل التجارة 40.5% من الناتج المحلي الإجمالي لمصر في عام 2023، ارتفاعًا من نحو 37% في عام 2022، وفقًا للبيانات الصادرة عن “البنك الدولي” (World Bank)، ويرجع ذلك إلى انفتاح السوق المصرية تدريجيًّا، مع التصديق على اتفاقيات التجارة الحرة المختلفة.

هذا، وتعتبر المنتجات البترولية (النفط والغاز) أكثر العناصر تداولًا، سواء للواردات أو الصادرات، كما يُعد الذهب والأسمدة والحمضيات من الصادرات المصرية المهمة. فيما تضمن واردات مصر بصورة رئيسة الآلات والأجهزة الميكانيكية، والحبوب، والسيارات، والأدوية.

في عام 2023، أتت تركيا في مقدمة الدول المستوردة للصادرات المصرية من السلع، بقيمة صادرات بلغت نحو 3.77 مليارات دولار أمريكي، أي ما يعادل 4.50% من إجمالي صادرات مصر، تليها إيطاليا بقيمة صادرات 3.14 مليارات دولار أمريكي، بما يعادل 3.76% من إجمالي صادرات مصر. فيما مثلت صادرات مصر إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة نحو 3.22% و2.67% من إجمالي صادرات مصر على الترتيب.
 الشكل (2): أبرز الدول المستوردة للصادرات المصرية من السلع في عام 2023المصدر: الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، قاعدة بيانات التجارة الخارجيةعلى صعيد الواردات، تأتي الصين في مقدمة الدول المصدرة لمصر؛ حيث مثلت 15.56% من إجمالي الواردات المصرية في عام 2023، تليها الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 6.43%، ثم المملكة العربية السعودية وروسيا بنسبة 6.26 و5.96% من إجمالي الواردات المصرية على الترتيب.الشكل (3): أبرز الدول المصدرة للواردات المصرية من السلع في عام 2023المصدر: الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، قاعدة بيانات التجارة الخارجيةفيما يتعلق بالتجارة البينية مع التجمعات الدولية، يُعد الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري لمصر؛ حيث صدّرت مصر 31.19% من إجمالي صادراتها إلى الاتحاد الأوروبي في عام 2023، فيما جاء 25.5% من إجمالي الواردات المصرية من الاتحاد الأوروبي.

فضلًا عن ذلك، فقد توجه ما نسبته 10% من صادرات مصر إلى “الكوميسا” في عام 2023، فيما استوردت مصر منها ما نسبته 1.9%. بالنسبة إلى التجارة مع دول “الميركوسور” و”الإفتا”، فقد صدرت مصر 1.67% و1.14% من إجمالي صادراتها إلى المجموعتين على الترتيب، فيما استوردت منهما ما نسبته 5.29% و1.52% من إجمالي الواردات المصرية على الترتيب خلال عام 2023.المصدرعلى مدى قرون أصبحت التجارة العالمية تمثل حجر الزاوية للنمو الاقتصادي؛ حيث عززت الرفاهة، وعملت على بناء الروابط بين الدول والشركات حول العالم، وقد شهدت التجارة العالمية نموًّا كبيرًا خلال العقود الماضية، ومن المتوقع أن تمثل على مدى العقد المقبل حصة كبرى من حجم التجارة العالمية، مع كون الجزء الأكبر من هذه الحصة في الخدمات المقدمة رقميًّا.

هذا، وقد شهدت التجارة العالمية خلال السنوات الأخيرة تحولًا ملحوظًا، ويعود هذا التحول إلى البيئة الاقتصادية والجيوسياسية الصعبة التي أدت إلى ظهور أنماط متطورة ومبتكرة للتجارة أسهمت في إعادة تشكيل التجارة العالمية، ومن بين تلك الأنماط، ما يلي: صعود التجارة الرقمية:

تعمل التجارة الرقمية، التي تضم جميع المعاملات التي تتعلق بتبادل السلع والخدمات عبر الإنترنت، على إعادة تشكيل الاقتصاد العالمي؛ حيث شهدت نموًّا هائلًا، وبخاصة في قطاع الخدمات المقدمة رقميًّا، فقد تضاعفت قيمتها أربع مرات تقريبًا منذ عام 2005، متجاوزة نمو صادرات السلع والخدمات الأخرى. وفي عام 2022، مثلت هذه الخدمات المقدمة رقميًّا 54٪ من إجمالي صادرات الخدمات؛ مما يوفر فرصًا جديدة للشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم (MSMEs)، في السوق العالمية.

قراءة متأنية في مشهد التجارة العالمية خلال السنوات الأخيرة، تشير إلى وجود العديد من العوامل التي تدفع نحو تطور التجارة الرقمية، ومن بين تلك العوامل:

توسع التجارة الإلكترونية: أدى التوسع الكبير في التجارة الإلكترونية إلى تكثيف التسوق عبر الإنترنت على مستوى العالم، ومع تحول المستهلكين بشكل متزايد إلى المنصات عبر الإنترنت، أصبح لدى الشركات إمكانية الوصول إلى قاعدة عملاء عالمية؛ مما أدى إلى كسر الحواجز الجغرافية.

تقدم الحوسبة السحابية: أدى تطور الحوسبة السحابية دورًا محوريًّا في تمكين التجارة الرقمية؛ فقد أصبح لدى الشركات القدرة على تخزين البيانات والوصول إليها وإدارتها بكفاءة في أي وقت؛ مما يسهل العمليات التجارية الدولية ويزيد من سرعتها.المصدرالتكنولوجيا المالية (Fintech): أحدثت ابتكارات التمويل ثورة في أنظمة الدفع والخدمات المالية؛ مما جعل المعاملات الدولية أسرع وأكثر أمانًا وفعالية من حيث التكلفة.

التسويق الرقمي: تسمح تقنيات التسويق الرقمي المحسنة للشركات باستهداف عملاء من مختلف الدول بشكل أكثر فعالية؛ مما يزيد من وصولها ووجود علامتها التجارية.
ومن الملاحظ، أنه على الرغم من أن الاقتصادات المتقدمة رائدة في تصدير الخدمات المقدمة رقميًّا، إلا أن الاقتصادات النامية، بما في ذلك تلك الموجودة في إفريقيا ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ، تشارك بشكل متزايد في هذا الاتجاه، وذلك فيما تشهد البلدان الأقل نموًّا اتجاهًا أبطأ في نمو تصدير الخدمات المقدمة رقميًّا.2- ظهور ممرات تجارية جديدة:شهدت التجارة العالمية مؤخرًا ظهور العديد من طرق التجارة الحديثة، ويرى محللون أن ذلك يُعد دليلًا على الطبيعة الديناميكية للتجارة العالمية؛ حيث تعمل هذه الممرات كقنوات لربط التجارة والاستثمار والتنمية الاقتصادية، وهي على استعداد لتؤدي دورًا محوريًّا في تشكيل مستقبل التجارة العالمية، ومن بين تلك الممرات التي تم استحداثها:الممر التجاري بين الصين وإفريقيا: أدى تحول الصين لتصبح أكبر شريك تجاري لإفريقيا إلى تطوير ممر تجاري بين الصين وإفريقيا، وقد أصبح لهذا الممر دور فعال في تسهيل التجارة ليس فقط في السلع ولكن أيضًا في الخدمات والاستثمارات، كما أنه يوفر للدول الإفريقية فرصًا لتصدير موادها الخام إلى الصين ويوفر للشركات الصينية الوصول إلى الأسواق الإفريقية المزدهرة.ممر التجارة بين الهند ورابطة دول جنوب شرق آسيا: مع استمرار الهند ورابطة دول جنوب شرق آسيا في النمو الاقتصادي السريع، ظهر ممر التجارة بينهما، لتسهيل الروابط التجارية، ومن المتوقع أن يعمل هذا الممر على زيادة التجارة والاستثمارات والتبادل الثقافي بين المناطق.ممر التجارة بين أمريكا الشمالية والجنوبية: يؤدي هذا الممر دورًا محوريًّا في ربط الأسواق في أمريكا الجنوبية، المعروفة بمواردها الطبيعية الوفيرة، بالمستهلكين والشركات في أمريكا الشمالية، كما أنه يقوم بتسهيل حركة البضائع، ويعزز التنمية الاقتصادية في كلتا المنطقتين.

شاهد أيضاً

جمعية الفراشة تضيء الأندلس مول بفعاليات توعوية حول انحلال الجلد الفقاعي

ابتسام حكمي شهد اليوم الثاني من الفعالية التوعوية التي تنظمها جمعية الفراشة في الأندلس مول …