*كتبها .. صالح جريبيع الزهراني*
*عندما يأتي الحاج بتصريح نظامي فإن هذا يعني ضمانه للسكن والتنقلات والأكل والشرب والرعاية الصحية وغير ذلك من الخدمات التي يحتاجها الإنسان،والحملة التي أتى معها مسؤولة مسؤولية كاملة عن كل ذلك،ولديها مرافقون ومرشدون وموظفون يقومون على راحته،واسمه ومعلوماته كاملة مسجلة في البطاقة على صدره أو في السوار الذي على معصمه،ومقر سكنه ومقر خيمته وموعد انتقاله من مشعر إلى آخر وموعد سفره وعودته إلى بلاده كلها معلومة ومرسومة ومحددة وتأتي ضمن الخطة العامة للحج التي تعدها السعودية كل عام وتسخر لها كافة إمكاناتها،وتضمن بإذن الله عدم التعرض للضياع أو الإجهاد أو التأخير،وفي حال المرض يتم نقله للمراكز الطبية والمستشفيات بسهولة.*
*أما الذين يأتون بتأشيرة زيارة،أو عمرة،أو يكونون من العاملين داخل السعودية،ويختبئون داخل مكة حتى يحين موعد الحج ثم يدخلون بين الحجاج بشكل غير نظامي هائمين على وجوههم يفترشون الأرض بدون سكن ولا وسائل نقل ولا خيام في المشاعر تقيهم لهيب الشمس وبدون طعام سوى ما يجدونه في الطرقات من المحسنين،ويسيرون لمسافات طويلة جداً في جو حار ومرهق،ومعظمهم من كبار السن الذين يحتاجون إلى رعاية حتى في منازلهم أصلاً،وبعضهم أمي لا يقرأ ولا يكتب،فإنه من الطبيعي أن يضيع ويمرض ويصيبه الإجهاد وقد يتوفى نتيجة ذلك،لأن الحج ليس نزهة وهو شاق حتى على الحاج النظامي.*
*وكذلك الذين يأتون مع حملات وهمية ويعتقدون أنهم نظاميون،وبمجرد دخولهم لمكة يتم التخلي عنهم من قبل (مجرمين) من أبناء وطنهم استغلوا عاطفتهم الدينية وجهلهم بالإجراءات ويتفاجأون بأن كل تلك الوعود كانت زائفة وأن أموالهم ذهبت سدى وأنهم تعرضوا للنصب ؛ فإنه من الطبيعي أن يعانوا كل هذه المعاناة بعدما ( طيَّشهم ) بالتونسي ( ولاحهم ) بالمغربي (ورماهم ) بالمصري ابن جلدتهم الحرامي في مكة المكرمة وهرب.*
*ولذا ؛ فإن المسؤولية تقع أولاً على عائلات كبار السن خصوصاً،لأنهم عرضوا آباءهم وأمهاتهم للضياع والموت ولم يرافقوهم في رحلتهم الشاقة هذه.*
*وتقع المسؤولية ثانياً على الدول التي خرجت منها هذه الحملات الوهمية،لأن (المكاتب والأجانسات والوكالات) تقع هناك عندهم وفي ديارهم ويقوم بها مواطنوهم ويستلمون الأموال بعملتهم هم ويوهمون الناس أنهم سيحصلون على تأشيرة حج ثم تقوم تلك المكاتب برفع الأوراق للسفارات السعودية ويطلبون تأشيرات عمرة أو زيارة .. ومن الطبيعي أن تعطيهم السلطات السعودية تلك التأشيرات طالما هي مستكملة نظاماً وتلك المكاتب مصادق عليها من بلدانهم.*
*وهناك حالة أخيرة ينبغي ذكرها أيضاً؛حيث تكون الحملة نظامية مائة في المائة،وكل التصاريح موجودة،ولكن مع الأسف يتم التقصير في حق الحجاج وإهمالهم من قبل بني جلدتهم أصحاب الحملة، فلا يوفرون لهم مستوى السكن الذي وعدوا به ولا الأكل ولا التنقلات ولا المرافقين ويحشرون حجاجهم في مخيمات ضيقة أو يكدسونهم في غرف قليلة ولا يجد الحاج منهم موطئ قدم للجلوس أو النوم ويقدمون لهم أرخص أنواع الأطعمة وأقلها تكلفة ويتركونهم في الشمس وفي الطرقات دون مرافقين ولا مرشدين،وهنا تقع المسؤولية كاملة على بعثات الحج الممثلة لتلك الدولة.*
*وأخيراً دعوني أسأل :*
*لماذا تاه وضاع حجاج مصر وبعضهم مات ولم يحدث ذلك في حجاج ليبيا مثلاً ؟!*
*لماذا عانى الحاج التونسي ولماذا ضاع الحاج المغربي ولم يعانِ الحاج الجزائري مثلاً ؟!*
*لماذا سمعنا عن وفيات بين حجاج الأردن وسوريا واليمن ولم نسمع عن وفيات بين حجاج تركيا أو العراق أو إيران أو الهند مثلاً ؟!*
*أعتقد أن الإجابة واضحة .. لأن حالات الضياع والمرض والموت مرتبطة بالحج غير النظامي (بدون تصريح) من مواطني تلك الدول خاصة ، والحملات الوهمية القادمة من تلك الدول خاصة ، والتقصير المخزي من الحملات النظامية القادمة من تلك الدول خاصة .. ويجب على تلك الدول تحمل مسؤولياتها.*
*وأقول لكل مغرض .. لقد سمعنا ورأينا .. وأنتم سمعتم ورأيتم ورغمت أنوفكم .. إشادة الحجاج أنفسهم بالخدمات التي تقدمها المملكة العربية السعودية لهم .. ورأينا .. ورأيتم وشاهت وجوهكم .. كل تلك الجهود العظيمة التي يبرزها الحجاج بكاميراتهم الشخصية .. ونعرف وتعرفون خابت مساعيكم أنكم تحاولون جاهدين استغلال بعض الأحداث العارضة لتقللوا من جهود السعودية وتشوهون سمعتها .. ولكن هيهات .. هيهات .. لأن شمسنا لا يمكن أن تغطوها بغربال أحقادكم.*
…………
*صالح جريبيع الزهراني*
*الأربعاء 13 ذو الحجة 1445*
*الموافق 19 يونيو 2024*
*جدة.*