بقلم وديع بنجابي
كل عام جديد يأتي كصفحة بيضاء، يدعوني لأعيد كتابة قصتي، لأسترجع ذكريات الماضي وأبني عليها أحلام المستقبل. ومع بداية هذا العام، أجد نفسي أتأمل في تجربتين كانتا بالنسبة لي أكثر من مجرد عمل أو مشاريع، بل محطات تحمل في طياتها معاني البدايات الحقيقية: منصة وصحيفة محبي مكة الإلكترونية ومزرعة العالم الصغير.
منذ أن بدأت العمل على منصة محبي مكة، شعرت أنني أعود لطفولتي، حيث كانت مكة دائمًا جزءًا من حكاياتي اليومية. أذكر زياراتي الأولى للحرم مع والدتي حفظها الله، وكيف كانت تلك المشاهد الأولى تنغرس في ذاكرتي بروعتها وهيبتها. اليوم، أحاول من خلال هذه المنصة أن أعيد سرد تلك المشاهد والقصص، لكن هذه المرة بصوت جماعي، صوت يعكس حبنا جميعًا لهذه المدينة العظيمة.
محبي مكة ليست مجرد منصة، بل نافذة تُطل على تفاصيل لا تراها العيون أحيانًا، لكنها تُحس في القلوب دائمًا. أعمل مع فريق يشبهني في شغفي، يحملون نفس الحب لمكة ويؤمنون بقدرتها على إلهام العالم. بالنسبة لي، كل مقال أو صورة أو قصة تُنشر هناك ليست مجرد محتوى، بل امتداد لعلاقتي العاطفية مع المدينة التي علّمتني الكثير عن البدايات وعن الحلم.
أما مزرعة العالم الصغير، فهي تحمل مكانة خاصة في قلبي لأنها جزء من ذكريات عائلتنا ، كونها مزرعة خالي العزيز د.طارق مكي. المزرعة ليست مجرد مكان بالنسبة لي؛ إنها مزيج من ذكريات الطفولة وحماس الشباب، حيث كنا نتجول في أرجائها ونحن نحلم بلا حدود. كنت أشعر بأن كل شجرة وكل زاوية تحمل حكاية، وكل صباح جديد فيها كان يعلمني شيئًا عن البساطة وجمال التفاصيل.
اليوم، حين أعمل على تطوير العالم الصغير ليصبح قرية فنية ومركزًا للإبداع، أشعر أنني أكرم تلك الذكريات. أستثمر تلك اللحظات التي قضيتها في المزرعة في طفولتي ، وأمزجها بحماسي كشاب مليء بالأفكار، وبحكمة القائد الذي يتطلع لأن يرى الآخرين يجدون في هذا المكان ما وجدته أنا: إلهامًا وفرصة للتعبير.
في العالم الصغير، نعيد تعريف فكرة الحياة البسيطة، حيث الطبيعة والفن والعمل يجتمعون معًا ليخلقوا تجربة لا تُنسى. أرى في كل خطوة على هذه الأرض فرصة لإعادة التواصل مع ذاتي ومع الآخرين، ومع مستقبل أحلم أن يكون أكثر استدامة وإبداعًا.
رسالة من القلب
إن بدايات المشاريع بالنسبة لي ليست مجرد انطلاقة نحو هدف، بل هي حالة شعورية تعيدني دائمًا إلى حيث بدأت. كل فكرة أو مشروع يحمل معه مزيجًا من ذكريات الطفولة وحماس الشباب وحكمة قائد تعلم من الحياة أن النجاح ليس فقط في النتائج، بل في الرحلة نفسها.
لذلك، أستقبل العام الجديد بقلب ممتن لكل لحظة مضت، وبشغف كبير لكل ما هو قادم. وأقول لنفسي ولكل من يقرأ: ابحثوا دائمًا عن تلك البدايات التي تُشعركم بأنكم تعيشون القصة التي تودون أن تُروى عنكم. كل عام وأنتم بخير، ومعًا نصنع ذكريات جديدة تحمل في طياتها عبق البدايات وجمال المستقبل.