أولى خطواتي في عالم الكلمة: رحلة قلم بدأت من “اليوم”

الثلاثاء 7 ذوالحجة 1446 – مكة المكرمة

أتذكر جيدًا تلك الأيام التي شكلت أولى خطواتي في عالم الكتابة، مدفوعًا بشغف مشاركة الأفكار والتأملات التي تختلج في صدري. كان حلم أن أجد لفكري صدى في مساحةٍ عامة يراودني، وبتوفيق من الله، كانت صحيفة اليوم مشكورةً هي البوابة التي فتحت لي أبوابها لأشارك قرّاءها ما فاض به قلمي من رؤى. هذه السطور، التي بدأتُ بها مسيرتي الصحفية منذ عام 2003، أي قبل أكثر من عقدين من الزمان، كانت بمثابة حجر الزاوية الذي بنيتُ عليه ما تلاها من أعمال، وقد شكلت كل واحدة منها محطة مهمة في رحلتي مع الكلمة.

لقاء مع الإمام القدوة ابن باز

لعل من أعمق التجارب التي شكلت وعيي وألهمت قلمي في تلك البدايات المبكرة، كانت زيارتي المباركة لشيخنا الإمام عبدالعزيز بن باز رحمه الله. كان من تلك الكتابات ما لا يُنسى: مقال “الشيخ عبدالعزيز بن باز”. هذه التجربة لم تكن مجرد لقاء عابر، بل تحولت إلى مجلس علم وفقه وعمق روحاني. أتذكر بوضوح كيف أضاء وجهه عندما قرأ عبارة “إني أحبك في الله” وكيف تحدث عن جوهر “الحب في الله” كأوثق عرى الإيمان. تلك اللحظة رسخت في داخلي أهمية البعد الروحاني في حياة الإنسان، وكيف أن الارتباط بالخالق والتحاب في سبيله يمنحان القلب سكينة وقوة لا تضاهيها قوة. كان هذا اللقاء تحديدًا هو ما ألهمني لأدرك أن الكلمة يمكن أن تحمل بين طياتها نورًا وهداية.

“فوبيا الاختبارات.. لماذا؟”

من وحي هذه الانطلاقة، بدأت أستكشف بقلمي جوانب أخرى من التجربة البشرية. ففي مقال “فوبيا الاختبارات.. لماذا؟”، حاولت أن أضع يدي على ظاهرة الخوف وتأثيرها على الإنسان، وخاصة أبنائنا الطلاب. أدركت حينها أن الخوف المفرط يمكن أن يتحول إلى عائق حقيقي يمنع تحقيق الإمكانات، وأن رسالتي كانت تدعو إلى الاعتدال في مواجهة التحديات.

“نهار جديد” : حكايات وراء الابتسامات

كما ألهمتني مفارقات الحياة لكتابة مقال “نهار جديد”. فقد تأملت في قصة صديق كان دائم الضحك والمرح، ولكنه كان يحمل في طيات روحه آلامًا وأمراضًا. هذه التجربة قادتني للبحث في مفهوم التكامل العاطفي العصبي، وكيف أن مشاعرنا تؤثر بشكل مباشر على صحتنا الجسدية. كانت تلك نقطة تحول في نظرتي للآخرين، وأدركت أن علينا ألا نصدر أحكامًا سريعة، فلكل نفس قصتها ووجعها الخفي.

رسالة “لا تهتم ولا تغتم” : هي جوهر المسير

كل تلك الكتابات قادتني إلى بلورة رسالة أعمق، تجسدت في مقال “لا تهتم ولا تغتم، فلست وحدك في هذا الكون”. في هذا المقال، أكدتُ على أننا لسنا معزولين في همومنا وآلامنا، وأن هناك دومًا سبلًا للتعافي والسكينة. فالحكمة تكمن في فهم ذواتنا، والتعاطف مع الآخرين، والأهم من ذلك كله، إدراك أن مصدر القوة والطمأنينة الحقيقي هو الارتباط بالخالق.

تلك المقالات، وغيرها من كتاباتي في بداياتي، هي شهادات على أولى محاولاتي للتعبير عن قناعاتي وأفكاري. لقد كانت تلك هي اللبنات الأولى في مسيرتي الإعلامية قبل أكثر من عشرين سنة، التي أتاحت لي صحيفة اليوم الفرصة لوضعها. هذه الرسالة التي بدأت بها مشواري، وما زالت نبراسًا ينير طريقي في كل كلمة أكتبها: لا تهتم ولا تغتم، لأنك حقًا لست وحدك في هذا الكون، ومعك من يملك الأكوان كلها. أملي أن يستمر هذا القلم في تقديم ما ينفع الناس ويلهمهم في رحلة حياتهم.


للاطلاع على المقالات:


عبدالله بنجابي

سكرتير مركز حي العوالي بمكة المكرمةمؤسس مجموعة محبي مكة

شاهد أيضاً

تجمع مكة الصحي ينفذ مسحًا ميدانيًا للحجاج مرضى السكري بالأشعة تحت الحمراء

منصور نظام الدين –نوال مسلم :المشاعر المقدسة:- نفّذ تجمع مكة المكرمة الصحي، خلال موسم حج …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *