طالب العلم وبائع الفجل

بقلم خالد عثمان

افتقد الأستاذ الجامعي تلميذه العبقري في مرحلة الدكتوراة ، فقرر أن يذهب إلى بيته ليزوره فقد اعتقد أنه مريـض، وعندما وصل إلى بيت تلميذه ، وجد أن البيت كله عبارة عن غرفة واحدة متصدعة، وأن الطالب فقـير جداً بشكل لم يكن يتصوره، وبعد أن قدَّم التلميذ كوب الشاي لأستاذه، قال له الأستاذ:
لماذا لم تعد تحضر إلى الجامعة؟
فقال له التلميذ: العلمُ لا يشتري باقة فجل!
دُهش الأستاذ من كلام تلميذه ، وقبل أن يسأله عن سبب قوله هذا ، سارع التلميذ وقال:
يا أستاذي العزيز لقد شعرتُ بالجوع منذ أسبوع ، ولم يكن معي إلا جنيهاً واحداً ، اشتريتُ رغيفاً بنصفه ، وتوجهتُ إلى بائع الخضار أريد أن أشتري فجلاً بنصف الجنيه المتبقي ، فقال لي:
حزمة الفجل بجنيه !
فقلتُ له: بامكاني أن أُعلمكَ مسألةً في النحو أو أروي لكَ قصةً في الأدب ، مقابل أن تبيعني حزمة الفجل بنصف جنيه !
فقال لي ساخراً: علمكَ لا يشتري الفجل!
فعلمتُ أنه على حق ، وقررتُ أن أترك الدراسة ، وأحصل على عمل يمكنني من شراء الخبز والفجل!
لم يُعلق الأستاذ على كلام تلميذه ، وإنما أعطاه خاتماً ذهبياً، وقال له: بِعْ هذا لي! وتعالَ غداً إلى الجامعة وسنتحدث، وقام وانصرف!
وبالفعل في اليوم التالي جاء التلميذ ومعه ثمن الخاتم ، فقال له الأستاذ: هذا سعر ممتاز أين بعتَ الخاتم؟!
فقال له: لقد بعته في سوق الصاغة.
فقال له الأستاذ: ولِمَ لمْ تبعه لبائع الفجل؟!
فقال له: بائع الفجل لا يعرف قيمة الذهب!
فقال له الأستاذ: وكذلك هو لا يعرف قيمة العِلم!
المشكلة يا عزيزي ليس أنَّ علمكَ ليس له قيمة ، وإنما قد بذلته لمن لا يُقدِّره!
(انتهت القصة) ولكن …..
قصة التلميذ وبائع الفجل تتكرر كثيراً ، أحياناً لا نلقى صدىً لما نفعله ، ليس لأن الذي نفعله لا قيمة له ، بل لأننا نفعله مع من لا يُقدِّره!
إذا قدمتَ الحُبَّ ولم تجنِ إلا الشوك ، فهذا لا يعني أن الحُب ليس له قيمة ، وإنما يعني أنك قدمته إلى الشخص الخطأ!
وإذا صنعتَ معروفاً مع إنسانٍ وقابله بالإساءة ، فهذا لا يعني أن المعروف لا يُثمر في الناس ، وإنما يعني أن بعض الناس فقط ليسوا أهلاً للمعروف!
لذا …. علينا أن نجتهد لنقدّم الشيء { لمن يقدره } … وأيضاً علينا أن نفعل الشيء المناسب ، للشخص المناسب ، في الوقت المناسب والمكان المناسب
وللحديث بقية ……
لكم مني أرق تحية .

شاهد أيضاً

شركة الجناح الرقمي خطوتك نحو النجاح الرقمي

الكاتب : عبدالله العطيشفي خطوة مسبقة لصحيفتنا وتماشياً مع العالم التكنولوجي ونظراً للتقدم الذي طرأ …